توقفت الكتابة في مدونة كيس فشار لسنوات عدة الآن، والأسباب كثيرة فلا مجال لذكرها. غير أنه سنحاول العودة بتناول أفلام روائية قصيرة لتحليل الإنتاج السينمائي "المستقل" الحالي من زوايا فنية وإنتاجية. نتعرض هذه المرة لفيلم روائي قصير من إنتاج ٢٠١١ بعنوان «بحري» تم تصويره في مدينة الإسكندرية بإنتاج ذاتي.
في مرحلة العودة ستتركز محاولاتي للكتابة حول الأفلام المصنوعة في الإسكندرية بيد مخرجين منها. ربما يتطور الحال لاحقًا بالإعتماد على الكتابات التي سيتحمس المتابعون والمهتمون من المشاهدين أو صناع السينما لإرسالها بهدف النشر هنا والمشاركة فيما نحاول فعله، وهو ما أتمناه عشان أنا بافرهَد.
في مرحلة العودة ستتركز محاولاتي للكتابة حول الأفلام المصنوعة في الإسكندرية بيد مخرجين منها. ربما يتطور الحال لاحقًا بالإعتماد على الكتابات التي سيتحمس المتابعون والمهتمون من المشاهدين أو صناع السينما لإرسالها بهدف النشر هنا والمشاركة فيما نحاول فعله، وهو ما أتمناه عشان أنا بافرهَد.
بحري
فيلم بحري هو الفيلم الأول لمخرجه أحمد غنيمي بعد تخرجه من ورشة صناعة الفيلم الذي كان يرعاه چيزيت الإسكندرية. يعرّف مخرج الفيلم فليمه قائلًا: "يتجول عمرو وحيدًا في شوارع بحري، على الساحل الشرقي المهمش من الإسكندرية. وبينما كان يقوم بتصوير ما يراه مناسبًا كمادة لمشروعه الفني، أغراه مشهد
لبعض الأطفال اللاهين، فترك للكاميرا العنان لتتبع حركاتهم، مما استفز
رجلين من سكان المنطقة، ليكشف عن مشاعر متضاربة بين الخوف والرغبة."
تلخّص كلمات المخرج قصة الفيلم، بما لا يترك داعي للإسهاب في حكيها خاصةً وأنها طبقًا للمخرج قد حدثت بالفعل، وكتب السيناريو لها بنفسه. إيقاع السيناريو طوال مدة ١٢ دقيقة - هي زمن الفيلم - مصنوع بعناية وبقصدية تناسب شخص يستعيد مشهد ما أو موقف ليتأمله وينقله كما هو. فحالة المراقبة والحياد في عرض الشخصيات الثلاثة في الفيلم دون الإغراق في أي نوع من المشاعر هو الأسلوب الذي اختاره المخرج لصناعة فيلمه.
ربما كان المشهد الثالث في الفيلم، الذي يجمع شخصية ياسر بشخصية عمرو في الكوخ دون وجود الشخصية الثالثة، ضابطًا لإيقاع السيناريو وناقلًا نوعيًا بين المشاهد التي تسبقه والتي تليه. ساعد على ذلك إيقاع المونتاچ المستخدم في الفيلم كله. لكن تظل تفاصيل ذلك المشهد والحوار الدائر فيه بين الشخصيتين منفصلةً عن مسار القصة الرئيسية للفيلم، ويمكن استبداله بأي حوار آخر. تلك نقطة ضعف رغم خصوصية الحوار المستخدم نفسه. زاد من عبء المشهد الأداء المتخوف من (عمرو وشاحي) في أدائه لشخصية عمرو. لكن استخدام (أحمد غنيمي) لملامح وجوه الممثلين الثلاثة بتنوعها استخدامًا جيدًا بين لقطات واسعة وضيقة، ساعد (عمرو وشاحي) كثيرًا في الفيلم. فملامح وجهه المميزة وتعبيره الجامد كان مناسبًا لقصة الفيلم وشحنة الشخصية التي يؤديها في القصة، طبقًا بالطبع لاختيارات ووجهة نظر المخرج/كاتب السيناريو. غير أنه بأداء أكثر ثقة ربما اكتسبت تلك الشخصية ببعض التنوُّع المحسوب في التعبيرات ونبرة الصوت عمقًا، بدلًا من الإيقاع الرتيب الثابت الذي بحلول منتصف هذا المشهد كان عبئًا أنقذته طبيعة أماكن التصوير، والمونتاچ المتزن والثابت زمنيًا الذي قامت به (پيري معتز). أنقذته أيضًا ملامح وجه الممثل نفسها وتحديدًا استخدامه لها في آخر لقطة له في الفيلم.
الأداء التلقائي السلس الواثق من أفعاله وردود أفعاله الذي أدّاه (ياسر بلتاجي) في شخصية ياسر أكسب جو الفيلم ثقلًا لا يمكن إغفال أهميته. خدم ذلك رفيقه في قصة الفيلم الذي أدى دوره (محمد السيد)، فقد ساعده كمرآه تُظهرُه أوضح بفعل الإختلاف. وتنقل الإثنان بين دوري الشرطي الطيب والشرطي الشرير - في وجود عمرو - بتفاهم دقيق وماهر نفذه (ياسر) على الشاشة وإن قاده (محمد) على الورق فقط.
تدور أحداث الفيلم عبر ليلة واحدة، تميز (إسلام كمال) في إضاءتها إضاءة هادئة تناسب الجو العام للفيلم. لم تكن الإضاءة في مشاهد الليل ولا مشهد النهار الأخير بالصخب والسطوع الذين يكشفا ما بداخل الشخصيات الثلاثة من تبادل سيطرة صامت. أيضًا لم تكن بالغموض والحدة اللذين يربكا الإنتقال الناعم في الحوار والنفوذ بين الثلاثة. هي إضاءة ضعيفة موّزعة بالعدل تتلمّس من خلالها الشخصيات قدر ما تستطيعه كي ترى بعضها. قبل أن تنجلي الأمور أخيرًا أمام البحر في قرار واحد نهائي يلقيه ياسر أمام البحر وتحت نور أبيض طبيعي ومحايد للشمس.
براعة الاستهلال والختام هما ما يميز أي فيلم سينمائي قَصُر أم طال، وإن كان بطبيعة الحال في الأفلام القصيرة هما ما يعطيان الفيلم نصف طاقته النفسية والجمالية تقريبًا.
Bahari short film teaser / بحرى فيلم قصير from Ahmed Ghoneimy on Vimeo.
---------------------------------
- يرجى في حال استخدام المحتوى في مكان آخر إبلاغ صاحب المدونة.
- قريبًا سيتم تناول فيلمي مشروع بلازا مكتبة الإسكندرية الأخير. «ألبان وادي النيل» إخراج محمد الحديدي، ٢٠١٢ و«سيدهم» إخراج مينا نبيل، ٢٠١٢.
تلخّص كلمات المخرج قصة الفيلم، بما لا يترك داعي للإسهاب في حكيها خاصةً وأنها طبقًا للمخرج قد حدثت بالفعل، وكتب السيناريو لها بنفسه. إيقاع السيناريو طوال مدة ١٢ دقيقة - هي زمن الفيلم - مصنوع بعناية وبقصدية تناسب شخص يستعيد مشهد ما أو موقف ليتأمله وينقله كما هو. فحالة المراقبة والحياد في عرض الشخصيات الثلاثة في الفيلم دون الإغراق في أي نوع من المشاعر هو الأسلوب الذي اختاره المخرج لصناعة فيلمه.
ربما كان المشهد الثالث في الفيلم، الذي يجمع شخصية ياسر بشخصية عمرو في الكوخ دون وجود الشخصية الثالثة، ضابطًا لإيقاع السيناريو وناقلًا نوعيًا بين المشاهد التي تسبقه والتي تليه. ساعد على ذلك إيقاع المونتاچ المستخدم في الفيلم كله. لكن تظل تفاصيل ذلك المشهد والحوار الدائر فيه بين الشخصيتين منفصلةً عن مسار القصة الرئيسية للفيلم، ويمكن استبداله بأي حوار آخر. تلك نقطة ضعف رغم خصوصية الحوار المستخدم نفسه. زاد من عبء المشهد الأداء المتخوف من (عمرو وشاحي) في أدائه لشخصية عمرو. لكن استخدام (أحمد غنيمي) لملامح وجوه الممثلين الثلاثة بتنوعها استخدامًا جيدًا بين لقطات واسعة وضيقة، ساعد (عمرو وشاحي) كثيرًا في الفيلم. فملامح وجهه المميزة وتعبيره الجامد كان مناسبًا لقصة الفيلم وشحنة الشخصية التي يؤديها في القصة، طبقًا بالطبع لاختيارات ووجهة نظر المخرج/كاتب السيناريو. غير أنه بأداء أكثر ثقة ربما اكتسبت تلك الشخصية ببعض التنوُّع المحسوب في التعبيرات ونبرة الصوت عمقًا، بدلًا من الإيقاع الرتيب الثابت الذي بحلول منتصف هذا المشهد كان عبئًا أنقذته طبيعة أماكن التصوير، والمونتاچ المتزن والثابت زمنيًا الذي قامت به (پيري معتز). أنقذته أيضًا ملامح وجه الممثل نفسها وتحديدًا استخدامه لها في آخر لقطة له في الفيلم.
الأداء التلقائي السلس الواثق من أفعاله وردود أفعاله الذي أدّاه (ياسر بلتاجي) في شخصية ياسر أكسب جو الفيلم ثقلًا لا يمكن إغفال أهميته. خدم ذلك رفيقه في قصة الفيلم الذي أدى دوره (محمد السيد)، فقد ساعده كمرآه تُظهرُه أوضح بفعل الإختلاف. وتنقل الإثنان بين دوري الشرطي الطيب والشرطي الشرير - في وجود عمرو - بتفاهم دقيق وماهر نفذه (ياسر) على الشاشة وإن قاده (محمد) على الورق فقط.
تدور أحداث الفيلم عبر ليلة واحدة، تميز (إسلام كمال) في إضاءتها إضاءة هادئة تناسب الجو العام للفيلم. لم تكن الإضاءة في مشاهد الليل ولا مشهد النهار الأخير بالصخب والسطوع الذين يكشفا ما بداخل الشخصيات الثلاثة من تبادل سيطرة صامت. أيضًا لم تكن بالغموض والحدة اللذين يربكا الإنتقال الناعم في الحوار والنفوذ بين الثلاثة. هي إضاءة ضعيفة موّزعة بالعدل تتلمّس من خلالها الشخصيات قدر ما تستطيعه كي ترى بعضها. قبل أن تنجلي الأمور أخيرًا أمام البحر في قرار واحد نهائي يلقيه ياسر أمام البحر وتحت نور أبيض طبيعي ومحايد للشمس.
براعة الاستهلال والختام هما ما يميز أي فيلم سينمائي قَصُر أم طال، وإن كان بطبيعة الحال في الأفلام القصيرة هما ما يعطيان الفيلم نصف طاقته النفسية والجمالية تقريبًا.
Bahari short film teaser / بحرى فيلم قصير from Ahmed Ghoneimy on Vimeo.
---------------------------------
- يرجى في حال استخدام المحتوى في مكان آخر إبلاغ صاحب المدونة.
- قريبًا سيتم تناول فيلمي مشروع بلازا مكتبة الإسكندرية الأخير. «ألبان وادي النيل» إخراج محمد الحديدي، ٢٠١٢ و«سيدهم» إخراج مينا نبيل، ٢٠١٢.
4 comments:
عود أحمد للمدونة الهامة. أرى أن فيلم "بحري" وفيلم "نسخة شعبية" يمثلا أهم ما تم إنتاجه في الإسكندرية مؤخرًا. ربما يتسع وقت السولو للكتابة عن الفيلم الآخر قريبًا
جزاكم الله خيرا"
شركه تنظيف
thx
كشف تسربات المياة
غسيل خزانات
شركة نظافة عامة
شركة المثالية للتنظيف
شركة المثالية للتنظيف بالاحساء
شركة المثالية للتنظيف بالجبيل
Post a Comment